كلية الآثار والأنثروبولوجيا تعقد ندوة حول أثر العدوان الإسرائيلي على تراث غزة الحضاري:
رعى القائم بأعمال رئيس جامعة اليرموك الدكتور موسى ربابعة، افتتاح فعاليات ندوة "غزة عبر العصور وأثر العدوان الإسرائيلي على تراثها الحضاري"، نظمتها كية الآثار والأنثروبولوجيا، إيمانا منها بدورها الوطني في دعم أشقائنا في فلسطين بكافة الوسائل الممكنة.
وقال ربابعة إن هذه الندوة تحمل الكثير من الدلالات والرسائل والإشارات في ظل عدوان غاشم يسعى بكل ما أوتي من قوة إلى تدمير غزة هاشم، مؤكدا أن تدمير الإرث الثقافي المادي وغير المادي المستمر في غزة ليس محض الصدفة، وانما هو مقصود ومتعمد، سيما وأن العدوان والتدمير قد طال الكنائس والمساجد ودور العبادة.
وأشار إلى أن هذه الندوة تكشف عن وجه آخر للعدوان الأثيم على غزة، وهو محاولة طمس الهوية الثقافية بأشكالها المختلفة، حيث تأتي هذه المحاولة من دولة استعمارية تبتغي الهيمنة والاستلاب والتغريب، فاستهداف الإرث الثقافي في غزة وجه آخر للإبادة وطمس الهوية.
وأكد ربابعة أن جامعة اليرموك دأبت منذ اليوم الأول للعدوان الإسرائيلي على غزة إلى التعبير عن رفضها له من خلال الوقفات والفعاليات والكتابات والندوات التي عُقدت، انسجاما مع موقف الدولة الأردنية بقيادة جلالة الملك عبد الله في وقف هذا العدوان الغاشم، ودعم الأشقاء في فلسطين.
وألقى عميد الكلية الدكتور مصطفى النداف كلمة أكد فيها أن العدو الإسرائيلي قد شن عدوانه على قطاع غزة مرات عديدة، الأمر الذي أدى إلى إلحاق أضرارًا واسعة في كافة مناحي الحياة الفلسطينية، الاقتصادية والاجتماعية والعمرانية، مبينا أن التأثير الأوسع كان على التراث العمراني المتمثل بالمواقع والمباني الأثرية.
وأضاف أن التراث الثقافي غير المادي مثل العادات والتقاليد والأطعمة والأزياء، لم تسلم كذلك من الاعتداء والعبث الإسرائيلي، فنسبوا الكثير منه لأنفسهم.
وأشار الندف إلى أن العدوان على فلسطين طال كل ما هو حضاري فيها، حيث أحس العدو الصهيوني بالفجوة التاريخية بينه وبين الشعب الفلسطيني، لأنهم يدركون أن تاريخهم وتراثهم في فلسطين مفتعل ومبني على أساطير توراتية لا يقبلها عقل سليم، وأن صراعهم مع العرب ليس صراع حدود أو أرض فقط، وإنما هو صراع هوية، لذا عمدوا إلى تدمير كل ما يمت بالهوية الفلسطينية بصلة.
وأوضح أن غزة تزخر بالعديد من الأماكن ذات الأهمية الحضارية كالمتاحف والمواقع الأثرية والثقافية المهمة، جميعها عانت وتعاني من آثار العدوان الإسرائيلي، وخاصة مع استخدام المعتدي للأسلحة المحرمة دولياً، وكذلك القنابل الزلزالية، لافتا إلى أن متاحف غزة تعرضت لأضرار كبيرة نتيجة للقصف الإسرائيلي، فضلا عن ترك بعضها دون حراسة أو متابعة، إما لتهجير القائمين عليها أو استشهاد بعضهم، مما أدى إلى سرقة العديد من معروضاته، والتي في كثير من الحالات تظهر مرة أخرى في المتاحف الإسرائيلية.
وتابع النداف: إن العدوان الصهيوني لم يقتصر على المسلمين والمواقع الخاصة بهم، بل امتد إلى كل ما هو فلسطيني كالمواقع المسيحية، حيث تم قصف كنيسة القديس برفيريوس التي يعتقد أنها ثالث أقدم كنيسة في العالم، مما يعطيها أهمية دينية عالمية ويجعلها مرشحة لتكون ضمن قائمة التراث العالمي، كما دمر العدو الصهيوني عدد من المساجد كجامع ابن عثمان، والجامع الكبير في غزة، بالإضافة إلى الكثير من المنشآت الأثرية كسبيل السلطان عبد الحميد، وميناء الأنثيدون أو موقع البلاخية وسوق القيسارية وقلعة برقوق.
وشهدت الندوة تقديم مجموعة من الأوراق التي تناولت موضوعها، فقد شاركت عضو هيئة التدريس في قسم الآثار بالكلية الدكتورة لمياء خوري بورقة حملت عنوان "غزة عبر العصور: استعراض تاريخي"، فيما تناول عضو هيئة التدريس في قسم صيانة المصادر التراثية وادارتها الدكتور زياد السعد في ورقته "انتهاكات إسرائيل للقانون الدولي الخاص بحماية الممتلكات الثقافية خلال عدوانها على غزة".
كما وشارك في الندوة، عبر تقنية الاتصال المرئي عن بعد، كل من مدير الترميم والحماية في وزارة السياحة والآثار الفلسطينية الدكتور أحمد البرش والباحث اليمني المتخصص في نقوش الجزيرة العربية الدكتور محمد المرقطن.
فقد قدم البرش ورقة بعنوان "واقع التراث المعماري والعمراني في غزة"، فيما قدم المرقطن ورقة حملت عنوان "غزة في الكتابات اليمنية القديمة".
وفي ختام الندوة، دار نقاش موسع حول ما تضمنته من محاور ووجهات نظر تتصل بموضوعها.